معهد السيناريو – الدرس الثاني : صوت وصورة

مكانة السيناريو ضمن مراحل صناعة الأنيميشن

TO THE OWNER ©

of all our inventions for mass communication, pictures still speak the most universally understood language. (Walt Disney)

بافتتاح تمهيدي في الدرس الأول بدأنا ورشة تعليم كتابة السيناريو المبسطة هذه هادفين إلى مساعدة كل مؤلف حديث العهد بهذا الفن التقني على وضع قطار خياله على سكة تمتد إلى ما وراء الغيوم.

لا تتطلب كتابة السيناريو من الوسائل غير دفتر وقلم أو آلة كاتبة أو حاسوب شخصي، ربما كوب قهوة أو شاي ساخن، والكثير من الهدوء والتخيل والتكلم بصوت عال (وأنت وحدك في الغرفة) متمثلا أحداث قصتك ومتقمصا أدوار الأبطال وصفاتهم خيرا وشرا.

لكن مع التطورات المستمرة في مجال صناعة الترفيه السينمائي والتلفزيوني (ومن ضمنها صناعة الأنيميشن) وكل تلك التقنيات الهائلة التي يتطلبها ويوفرها الإنتاج الفني، يصبح ضروريا أن يدرك كاتب السيناريو مكانه ضمن هذه الخريطة، ودوره وأدوار الآخرين الذين يشاركونه العمل على المشروع نفسه. ولأننا في مجلة للأنيمي فإن اهتمامنا يتركز أساسا على القصص التي تكتب للرسوم المتحركة (وإلى جانب النموذج الياباني الناجح جدا في عالم المسلسلات سنلقي نظرة على النموذج الأمريكي المدهش لأفلام ديزني بيكسار ودريم ووركس وسوني أنيميشن).

سواء كان المنتج النهائي عملا أنجز بتقنيات CGI/3D/2D أو StopMotion أو غيرها، فمن المؤكد أنه يتطلب الكثير جدا من الموارد المالية والبشرية والزمنية. فكل ثانية تحريك تمرق على الشاشة تستهلك في المعدل 12-24 رسمة. ورغم أن الشركات الكبرى تحدث تقنياتها باستمرار لتخفيف هذا العبئ الثقيل، وتطور برامج خاصة بها لتوفير المال والجهد والوقت، إلا أن الأمر مازال مكلفا للغاية.

وعموما يتم إنتاج أفلام ومسلسلات الأنيميشن عبر مراحل عدة تبدأ بكتابة القصة مفصلة على شكل سيناريو (Script) ورسم شريط مشاهدها بشكل أولي (Storyboard). بعد هذه المرحلة ينقسم العمل إلى مسار الـ (V.Record) حيث يسجل ممثلو الأصوات جميع عبارات الحوار المطلوبة، ومسار الـ (Graphic) حيث يعمل فنانو الصورة على تصميم الشخصيات والحركات في شكلها النهائي. تسمى أول عملية تجريبية لاختبار مدى تناسق الصوت مع الرسم (Animatic) تصحح بعدها الأخطاء وترسم الخلفيات وتضاف الألوان قبل أن يدمج المساران مع بعضهما تمهيدا لمرحلة المونتاج وإضافة المؤثرات الخاصة. وكل هذا يتم تحت إدارة مخرج مبدع ومشرفين ذوي خبرة في المجال.

الصورة والصوت إذن هما كلمتا السر هنا، وإن كانت أستوديوهات الإنتاج توظف مهندسين وتقنيين وفنانين ومتدربين متخصصين لأداء مختلف تلك المهمات، فإن المخرج يفاضل بين القبعتين معا أثناء إشرافه على فريقي العمل، أما كاتب السيناريو فلا يفرق بينهما لأن كل همه أن يتكاملا معا ليصنعا مشاهد رائعة تترابط في ما بينها مثل قطع (Puzzle) تتصاعد وتيرة تشويقها مع مرور الزمن حتى تبلغ قمة العقدة لتبدأ بعدها مرحلة الهبوط نحو الحل حين تتضح اللوحة وتكتمل بالمشهد الأخير.

كيف نرسم مشاهد صوت وصورة باستعمال الكلمات فقط؟ وكيف نخرجها من عالم الخيال إلى عالم التعبير لعل من يطالعها يتمكن من رؤيتها بالضبط كما نريد لها أن ترى؟ من أجل أن نخرج بقصة مدهشة أسلوبا ومضمونا، هذا ما سنشرع في تفصيله بشكل أوفى بإذن الله في الدرس الثالث حين نلقي الضوء على أسس السيناريو التقنية وهي في عمومها مجرد ترتيبات لعناصر الوصف والحوار تسهل قرائة السيناريو والعمل عليه، وقد أضحت العديد من برامج الحاسوب مثل (فادين ـ سيلتيكس ـ فاينل درافت) تقوم بهذا الدور لتترك لك فقط مهمة التركيز على الأفكار والأحداث والشخصيات.