المانغا اليابانية : عالم خيالي غني الأنواع

مقتطفات بقلم (تاكيوشي أوسامو) عن مجلة نيبون 04/2010

SHUEISHA ©

في العدد 4 من مجلة نيبون لسنة 2010 والذي جاء على شكل تحقيق خاص بعنوان (اليابان : المقر العالمي للمانغا) كتب تاكيوشي أوسامو أستاذ المانغا بجامعة (دوشيشا) مقتطفات متنوعة عن فن القصص المرسومة مرفوقة بصور توضيحية نجملها هنا بتصرف.

في كل عام تباع في اليابان حوالي 670 مليون مجلة مانغا (Magazine) وحوالي 480 مليون كتاب (Tankōbon) من النوع نفسه (روايات مرسومة) وهذا يعني تحقيق إيرادات سنوية من المبيعات تزيد عن 448 بليون ين ياباني. أما القراء فهم أفراد من كل الأعمار تقريبا، وكثير من أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو تدين بوجودها لرسوم المانغا والتي تعتبر مهد كل هذه الأشكال الثقافية الشعبية.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت قصص المانغا تنتشر أكثر وتعتمد على تقنيات تعبيرية كالتي نراها في أفلام السينما، وتعتبر الأعمال التي رسمها تيزوكا أوسامو أبرز مثال على ذلك. فقد أحدث هذا الفنان تحولات عبقرية في التعبير عن طريق «حركة الصورة». ومازال مشاهير رسامي المانغا اليابانيون يتأثرون بالسينما بشكل أو بآخر. ويظهر ذلك في المشاهد واللقطات التي يرسمونها في قصصهم. ولعل رواية (مونستر) للمانغاكا أوراساوا ناووكي أحد الأمثلة الجيدة.

من حيث القصة، يبدو أن أغلب أنواع المانغا ترتكز على الخيال، ومن بين مؤلفيها من يستمد إلهامه من الأساطير القديمة أو يبني شخصياته على كائنات خرافية. ومع هذا، فقد ظهر نوع المانغا الدرامية في فترة الستينات من القرن الماضي، فرأينا عبره روايات واقعية إلى حد كبير. إنه عالم من الأساليب التعبيرية للمانغا التي تواصل التشعب في اتجاهات مثيرة. وتماما مثل الرواية، يمكن للمانغا أن تصور المشاعر الداخلية المعقدة للإنسان، ومانغا الفتيات بالذات تجيد حبك قصص مرسومة تتوالى أحداثها وفق تسلسل زمني مبنى بحرفية عالية. وفي أحايين كثيرة تبرز أحداث (فلاش باك) تعود بالأبطال إلى الوراء بشكل مركب، دون أن يفقد الراوي الخيط الأصلي للرواية والذي يصر على الاحتفاظ عليه ظاهرا للعيان.

أما من حيث الشكل، فنلاحظ في المانجا الحديثة أنها أصبحت تميل إلى التعامل مع إطارات الصور بحرية أكبر، فأحيانا تكون الحدود مجرد خطوط مفردة بدلا من الطريقة المعتادة للمساحات المستطيلة البيضاء. قد نجد بها أيضا حوارات نفسية مع الذات أو سردا للأحداث داخل إطارات تحتوي في الوقت نفسه على حوارات عادية أيضا. أما من حيث اللغة، فاليابانية تعتبر لغة غنية بالكلمات التي تقلد الأصوات. وفي المانغا نشهد استخدام هذه الكلمات التي يوحي لفظها بمعناها حيث تبعث في المواقف مزيدا من الحيوية والقوة. يتم أحيانا استخدام الكلمات وحدها لخلق تأثير بصري قوي أو تستخدم في تركيبة بنائية لتكوين صورة قوية تشحذ الخيال، وبينما يتابع القارئ القصة تنبعث الإثارة في وعيه بفضل مزيج من هذه الكلمات «المرسومة».

أثناء إنتاج رواية مانغا، وفي حالات كثيرة، نجد أن الرسوم والنصوص لا ينفذها شخص واحد بل مجموعة من الرسامين الذين يشتركون في عمل موحد. إما كمانغاكا ومساعديه، أو على شكل فريق متكامل، فمثلا سلسلة Chobits الشهيرة هي من تنفيذ CLAMP وهي مجموعة مكونة من أربع رسامات تتولى واحدة منهن كتابة القصة، بينما تقوم الثلاث الأخريات بالرسم حيث تتكلف كل منهم بفصل محدد. هذه المجموعة تنشر أعمالها في مجلات مانجا من أنواع مختلفة ولها جمهور كبير من المعجبين.