أي مستقبل لإنتاج الأنيمي الياباني بعد رحيل رواده الكبار؟

مقال بقلم ياسو ياماغوتشي عن موقع nippon.com بتصرف

STUDIO GHIBLI ©

أثار إعلان تقاعد مخرج الأنيمي هاياو ميازاكي عام 2013 ضجة واسعة في أوساط الإعلام اليابانية والأجنبية على حد سواء، وطرح أسئلة شائكة حول مستقبل الرسوم المتحركة في البلاد يستعرضها المؤرخ الفني ياسو ياماغوتشي في هذا المقال.

بمناسبة إصدار أستوديو غيبلي لفيلم The Wind Rises انعقد مؤتمر صحفي غير عادي فاض بمبعوثي الإعلام من اليابان والخارج والذين كانوا في الموعد لحضور الإعلان عن تقاعد واحد من رواد الأنيمي الكبار في العالم. وكان هياو ميازاكي قد أعرب منذ مدة عن رغبته في اعتزال العمل في صناعة أفلام الأنيمي، وترك انطباعات مؤثرة عندما تحدث بصراحة عن حاجته للراحة، وبجانبه المنتج توشيو سوزوكي الذي أنصت إليه على نحو ودي، مؤكدا أن ابتعاد المخرج الكبير عن كواليس العمل لا يعني بأن «أستوديو غيبلي يواجه مسألة حياة أو موت».

قد يكون إنتاج الرسوم المتحركة مغامرة خاسرة بسبب التكاليف المرتفعة، لكن بالطبع هناك ظواهر استثنائية منها سلسلة (Sazae-san) التي تستمر بجني الأرباح. ومع أن هذا العمل الذي تنجزه شركة Eiken لا يتمتع بالترويج في الخارج (مثل بيع حقوق الشخصيات وصناعة نسخ ثلاثية الأبعاد مستوحاة منها) إلا أنه حقق شعبية يفتخر بها منذ بداية بثه عام 1969 وأصبح بمثابة مادة تدريسية يستفيد منها الطلاب الأجانب الذين يتعلمون اللغة اليابانية.

ولعل الاستثناء الآخر هو Studio Ghibli الذي لا ينتج سوى أفلام سينمائية تبنى على قصص أصلية مبتكرة وتحقق نتائج مبهرة جعلته يتصدر المجال السينمائي. يعرض غيبلي أفلامه في القاعات أولا ومن ثم يبدأ مبيعات الـ DVD للعام المقبل وبعدها يبدأ ببيع حقوق البث، وقد جعله هذا النمط السليم من الإدارة يعتلي قمة شركات الإنتاج الأنيمي ليس في اليابان فقط بل وفي العالم أجمع، مساهما بشكل كبير في زيادة الاهتمام بإنتاج أفلام الأنيمي السينمائية لدى مؤسسات أخرى، إذ تضاعفت الأعمال الأنيمية التي وصلت إلى قائمة التوب 10 وشهدنا في الآونة الأخيرة اقتباس العديد من المسلسلات التلفزيونية المعروفة مثل (بوكيمون) و(دورايمون) و(المحقق كونان) و(ناروتو) إلى أفلام عرضت في دور السينما. ومع ذلك، فإن الجدار مازال عاليا سيما عندما يتعلق الأمر بإمكانية تكرار النجاحات السينمائية التي تجني إيرادات تتجاوز 5 أو 10 ملايير ين في شباك التذاكر.

لقد لاحظت أن عبارة «لجنة إنتاج» أصبحت بشكل متزايد العلامة المميزة في معظم هذه الأعمال. وهذا يعني أن العديد من وكالات الإعلان ومحطات التلفزيون ودور النشر وشركات الإنتاج أضحت تستثمر بشكل تشاركي في مشاريع سينمائية وتنظم لجنة إنتاجية لصناعة الأفلام. حيث يعمل هذا النظام على توزيع الأرباح لكل شركة بالاعتماد على نسب الاستثمار. وقد تم تعديل قانون «الائتمان» بشكلٍ يتم فيه الاعتراف باتفاق المنتجين بدل الملكية الفكرية للعمل وحقوق الطبع والنشر. لكن بالمقابل هنالك العديد من الأصوات التي تطالب ببذل جهود أفضل لتوضيح الوضع القانوني لهذه اللجان الإنتاجية.

ومن الناحية التقنية، فعند النظر إلى الإنتاج الفعلي للرسوم المتحركة اليابانية، نجد أن الوضع الراهن يعتمد كثيرا على التعاقد مع شركات فرعية في الصين وكوريا الجنوبية والفلبين، وقد اكتسب العاملون في مجال الأنيمي في تلك البلدان قدرات حقيقية بفضل ذلك في السنوات الأخيرة، وأصبحوا لا يرغبون بالاكتفاء بالعمل تحت مظلة الشركات اليابانية إلى الأبد، وإنما يتطلعون لإنتاج أعمالهم الخاصة. وهذا لا يترك للمؤسسات اليابانية إلا احتمالات معدودة مثل الدخول في شراكات متساوية وتطوير أعمال مشتركة لمسلسلات أنيمي تلفزيونية تبث في نفس الوقت. ويبدو أنه لا بديل أمام شركات الأنيمي اليابانية إلا التغيير من نهجها المتمثل في التركيز على إمكانيات تصدير المنتجات فقط، والسير من الان فصاعدا على نهج التعاون والتطلع الى المستقبل.